صبحة بغورة تكتب: التطور اللغوي للطفل

تخضع عملية اكتساب الطفل للغة، لمدى تأثره بنوع الجنس ومستوى الذكاء وسلامة الجهاز العصبي وجهاز الكلام وسقف الحلق والحنجرة.

 كما يتأثر التطور اللغوي لدى الطفل، بحجم الخبرات التي يكتسبها تلقائيًا خلال الثلاث سنوات الأولى من عمره، وكذلك بنوع المثيرات الاجتماعية في بيئته، ومدى اتساع دائرة اختلاطه بالراشدين؛ وهي عوامل تساهم في إثراء زاده اللغوي.

البكاء والصراخ

ولأن اللغة من مظاهر القدرة العقلية العامة؛ فإنها تتطور لدى الطفل طبيعيًا مع نموه، بداية من الشهر الأول؛ حيث يعبر عن حاجته بالبكاء والصراخ، ويستجيب للأصوات العالية، وفي الشهر الثاني يُصدِر أصواتًا من مقطع واحد مع تعبيرات في الوجه، ثم يبدأ بالابتسام في الشهر الثالث وإصدار أصوات تدل على السرور، وبداية مرحلة المناغاة والاستجابة للمحادثة.

وفي نهاية السنة الأولى، ينطق أول الكلمة التي لها معنى، ثم يربط بين الكلمات والإيماءات ويفهم معاني بعضها ويستجيب للأوامر البسيطة، خصوصًا التي تصاحبها الإشارة. إلا أن الحصيلة اللغوية للطفل مع نهاية هذا العام، لا تتجاوز  5 أو 6 كلمات، حسب محيطه الأسري.

في السنة الثانية يُردد الطفل أسماء الأشياء المألوفة لديه، وأسماء بعض الأهل والأقارب، وأسماء بعض الحيوانات، حتى وإن كان بعضها بلغة غير واضحة، كما يفهم بعض التعليمات البسيطة والمختصرة ويرددها مع دوام تكرارها على مسامعه.

استخدام جُمل مختصرة

وفي منتصف عامه الثاني، يكون قد اكتسب نحو 20 كلمة جديدة، في حين يستطيع استخدام جمل مختصرة من كلمتين على الأكثر" بابا باي".

 ويُعد العام الثاني، من عمر الطفل هامًا جدًا وحساسًا؛ لأنه يمهد لانطلاقته إذا تم التعامل معه بحكمة؛ ففي هذا العام تزداد فترة إصغائه، ويستطيع فهم أكثر من 200 كلمة، وتقليد الإيقاع الصوتي لبعض الألحان، ويكون سريع التعلم للكلمات الجديدة إذا ارتبطت بالفعل والدلالة، ويعبر عن حاجاته ورغباته بإصدار الأصوات بشكل متنامي.

 كما يستجيب الطفل في هذا السن للأوامر بسرور ويفهمها بشكل أفضل، ويستمع وينصت لفهم الأحاديث أو التمتع بسماع القصص، بل يمكنه تسمية كثير من أعضاء جسمه.

وفي نهاية العام الثاني، يصل عدد كلماته لأكثر من 50 كلمة، ويستخدم الجمل المكونة من كلمتين أو ثلاث، وتزداد رغبته في توجيه الأسئلة عن الأشياء والأشخاص، ويميل إلى تقليب صفحات الكتب والمجلات، ويحادث الألعاب والصور ونفسه بجمل قصيرة، ويُصحح لغته بنفسه.

المحصول اللغوي

وفي عامه الثالث، تطول جمل الطفل، وتحتوي على عدد أكبر من الكلمات، ويزداد محصوله اللغوي حتى 200 كلمة، ويكون مستعدًا لاستخدام قواعد اللغة بشكل أفضل؛ إذ يميز بين المفرد والجمع، والمذكر والمؤنث، والضمائر، ويستمر في السؤال عن الأشياء والتعبير عن أفكاره ومشاعره لغويًا، ويقلد الكبار في استعمال بعض الكلمات، ثم يبدأ يصغي إصغاءً هادئًا للقصص.

أهمية الوالدين

وفي هذا العام أيضًا، يعرف اسمه ولقبه واسم والده وأمه، كما يعرف أنه ذكر أم أنثى، ويردد أغاني الرسوم المتحركة، وأغاني الومضات الإعلانية أو مقدمة المسلسلات، ويتناقص كثيرًا الكلام الطفولي والجمل الناقصة وإبدال الحروف، وتزداد قدرته على فهم كلام الآخرين؛ لذا تبرز أهمية الوالدين في حياة الطفل بالتواصل اليومي معه، وتقييم قدرته على النطق، وتنمية مهارات اللغة والكلام لديه، وملاحظة أي ضعف قد يعاني منه في إطار التواصل اللفظي السليم مبكرًا.

الاضطرابات التواصلية

وأحيانًا تبرز مشكلة عندما يعتري بعض المهارات التي اكتسبها الطفل تلقائيًا، نوعٌ من الخلل قد يؤثر تطوره لاحقًا على قدرته على الكلام بشكل سليم وعلى سلاسة تواصله اللفظي، تُطلق عليه" اضطرابات تواصلية"؛ أي اضطرابات تؤثر على عملية التواصل؛ كالتأخر اللغوي، واضطرابات النطق، والعمليات الفونولوجية، واضطرابات الطلاقة، وغيرها مثل "التأتأة" واللسان الألدغ في حرفي السين والراء، وقلب نطق حرف الكاف إلى قاف.

التدخل العلاجي المُبكر

حينها، لابد من التدخل العلاجي مبكرًا، مع أهمية دور الأسرة، والبيئة في علاج هذه الاضطراب، لاسيما دور الأب الذي يكون له أثر إيجابي هائل في تطور مهارات الطفل بشكل سريع وفعّال، لذا ينبغي إعطاء الوالدين المعلومات اللازمة، وتزويدهما بالنصح، وإحاطتهما بالمشورة والتوجيه، وتعريفهما بأساليب تطوير المهارات المناسبة لعلاج اضطراب طفلهما.

علاقة شراكة

وتُعد العلاقة بين الطبيب المعالج الأخصائي في علاج النطق واللغة وبين الوالدين علاقة شراكة للوصول لأفضل طريقة للتدخل العلاجي، وهي شراكة تتطلب عشرات الخطوات التفصيلية؛ أبرزها: تدريب الوالدين ومنحهما الإرشادات والتوصيات التي تساعدهما في تطوير مهارات الطفل؛ إذ يُعد تدريب الوالدين أثناء المرحلة المبكرة في حياة الطفل عنصرًا مهمًا في أي برنامج علاجي؛ لضمان فعاليته؛ كالتحدث مع الطفل مع النظر في عينيه منذ لحظة ولادته ليشعر بالاتصال المباشر، وتأكدهما من تجاوبه للأصوات العالية في شهره الأول، وتحدثهما عن الأشياء الظاهرة أمامه؛ ليربط بين ما يراه وما يسمعه؛ لأنه يكتسب الأسماء قبل أي مفردات أخرى.

القراءة عادة يومية

وفي المرحلة السنية الأكبر، يجب تعريف الطفل بالأشياء الموجودة بالبيت، وترديد مسمياتها بوضوح وهدوء، وجعل القراءة عادة يومية؛ لأن التطور اللغوي أساس تطوره العائلي والانفعالي والاجتماعي، مع مراعاة عدم الإسراف في تصحيح أخطاء الطفل اللغوية؛ حتى لا يلجأ إلى سلوك انسحابي أو يسيطر عليه التلعثم، مع إشراكه في ألعاب لغوية مُسلية لزيادة زاده اللغوي في أجواء من المرح.

ويستند البحث في الاستعداد اللغوي عند الطفل إلى أهمية اللغة في حياته؛ لضمان عملية التواصل لديه، ومعرفة ما قد يعانيه من مشاكل قد تسبب له تخلفًا لغويًا أو تعيق نموه اللغوي. 

لذلك تعنى التنشئة الاجتماعية بالجانب اللغوي للفرد؛ لحاجته إلى أن تعلم تقنيات التواصل مع الآخرين، بداية بأسرته؛ وهو ما يتطلب تعلم لغة مجتمعه؛ كي يندمج في فعالياته، ويساهم في توازنه واستقراره.

اقرأ أيضًا: 

صبحة بغورة تكتب: تعويد الأطفال على الصـــــلاة